فصل: قال البقاعي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الجاثية:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه حديث ضعيف: «من قرأ سورة الجاثية كان له بكلّ حرف عشرُ حسنات، ومَحْو عشر سيئات، ورفع عشر درجات». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الجاثية مقصودها الدلالة على أن منزل هذا الكتاب- كما دل عليه في الدخان- ذوالعزة لأنه لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء. والحكمة لأنه لم يضع شيئًا إلا في أحكم مواضعه. فعلم أنه المختص بالكبرياء. فوضع شرعًا هو في غاية الاستقامة لا تستقل العقول بإدراكه ولا يخرج شيء منه عنه. أمر فيه ونهى. ورغب ورهب ثم بطن حتى أنه لا يعرف. ثم ظهر حتى أنه لا يجهل. فمن المكلفين من حكم عقله وجانب هواه فشهد جلاله فسمع وأطاع. ومنه من تبع هواه فضل عن نور العقل فزاغ وأضاع فاقتضت الحكمة ولابد أن يجمع سبحانه الخلق ليوم الفصل فيظهر كل الظهور ويدبن عباده ليشهد رحمته المطيع وكبرياءه العاصي. وينشر العدل ويظهر الفضل. ويتجلى في جميع صفاته لجميع خلقه. وعلى ذلك دل اسمها الشريعه. واسمها الجاثية واضح الدلالة فيه إذا تؤمل كل من ايتهما- والله سبحانه وتعالى الهادي. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}:

السّورة مكِّيّة بالإِجماع.
اياتها سبع وثلاثون في الكوفة. وست في الباقين.
كلماتها أَربعمائة وثمانون.
وحروفها أَلفان ومائة وتسعون.
مجموع فواصل آياتها (من) ولها اسمان: سورة الجاثية؛ لقوله: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}. وسورة الشريعة؛ لقوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ}.

.معظم مقصود السّورة:

بيان حُجّة التّوحيد. والشكية من الكفار والمتكبرين. وبيان النفع. والضرّ والإِساءَة. والإِحسان. وبيان شريعة الإِسلام والإِيمان. وتهديد العصاة والخائنين من أَهل الإِيمان. وذَمّ متابعى الهوى. وذلّ الناس في المحشر. ونَسْخ كُتُب الأَعمال من اللَّوح المحفوظ. وتأبيد الكفَّار في النَّار. وتحميد الرّب المتعال بأَوجز لفظ. وأَفصح مقال. في قوله: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَتِ وَرَبِّ الأَرْضِ} إلى آخر السورة.
المنسوخ فيها آية واحدة: {قُل لِّلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُواْ} م آية السّيف ن. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الجاثية:
407- مسألة:
قوله زمالة: {وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ} وقال في حم عسق: {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ}؟.
جوابه:
أن المراد هنا ذكر استمرار نعمه وقدرته على الناس قوما بعد قوم.
والمراد بآية الشورى ابتداء خلقه الدواب وبثها في الأرض.
408- مسألة:
قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}. وقال تعالى في البقرة: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ}؟
جوابه:
أن المراد (بالرزق): الماء. لأنه سببه وأصله. وبه نبات الأرزاق تسمية للسبب باسم المسبب.
وخصص لفظ (الرزق) هنا لتقدم قوله تعالى: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ} لحاجته لا في الرزق.
40- مسألة:
قواته تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} وقال تعالى في الزمر: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)}؟.
جوابه:
أن القيامة مواقف. وقد تقدم مرات. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
{وَآتيناهم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ} نزلت في اليهود.
وقد سبق.
قوله: {نَمُوْتُ وَنَحْيَا} سبق.
وقيل: فيه تقديم وتأْخير. أَى نحيا ونموت.
وقيل: يحيا بعض. ويموت بعض.
وقيل: هذا كلام مَن يقول بالتناسُخ.
قوله: {ولتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} بالباءِ موافقة لقوله: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}.
قوله: {سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ} لتقدّم {كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ} و{وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} قوله: {ذَلِكَ هو الفَوْزُ الْمُبِينُ} تعظيما لإِدخال الله المؤمنين في رحمته. اهـ.

.قال الكَرْماني:

سورة الجاثية:
474- قوله: {لتجري الفلك فيه} 12 أي البحر وقد سبق.
475- قوله: {وآتيناهم بينات من الأمر} 17 نزلت في اليهود وقد سبق.
476- قوله: {نموت ونحيا} 24 قيل فيه تقديم نموت وتأخير نحيا قيل يحيا البعض ويموت البعض وقيل هو كلام من يقول بالتناسخ.
477- قوله: {وليجزي كل نفس بما كسبت} 22 بالياء موافقة لقوله: {ليجزي قوما بما كانوا يكسبون}.
478- قوله: {سيئات ما عملوا} 33 لتقدم {كنتم تعملون} 29 {وعملوا الصالحات} 3.
479- قوله: {ذلك هو الفوز المبين} 30 تعظيما لإدخال الله المؤمنين في رحمته. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة الجاثية:
وتسمى سورة الشريعة وسورة الدهركما حكاه الكرماني في العجائب لذكرهما فيها وهي مكية قال ابن عطية: بلا خلاف وذك المأو ردي إلا قل للذين آمنوا يغفروا الآية فمدنية وحكى هذا الاستثناء في جمال القراء عن قتادة وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى وهي سبع وثلاثون آية في الكوفي وست وثلاثون في الباقية لاختلافهم في حم هل هي آية مستقلة أولا ومناسبة أوله الآخر ما قبلها في غاية الوضوح. اهـ.

.قال ابن عاشور:

سورة الجاثية:
سميت هذه السورة في كثير من المصاحف العتيقة بتونس وكتب التفسير وفي صحيح البخاري سورة الجاثية معرفا باللام.
وتسمى حم الجاثية لوقوع لفظ {جَاثِيَةً} [الجاثية: 28] فيها ولم يقع في موضع آخر من القرآن. واقتران لفظ (الجاثية) بلام التعريف في اسم السورة مع أن اللفظ المذكور فيها خلي عن لام التعريف لقصد تحسين الإضافة. والتقدير: سورة هذه الكلمة. أي السورة التي تذكر فيها هذه الكلمة. وليس لهذا التعريف فائدة غير هذه.
وذلك تسمية حم غافر. وحم الزخرف.
وتسمى سورة شريعة لوقوع لفظ {شريعة} [الجاثية: 18] فيها ولم يقع في موضع آخر من القرآن.
وتسمى سورة الدهر لوقوع {مَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] فيها ولم يقع لفظ الدهر في ذوات حم الآخر.
وهي مكية قال ابن عطية: بلا خلاف. وفي القرطبي عن ابن عباس وقتادة استثناء قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا} إلى {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14] نزلت بالمدينة.
وعن ابن عباس أنها نزلت عن عمر بن الخطاب شتمه رجل من المشركين بمكة فأراد أن يبطش به فنزلت.
وهي السورة الرابعة والستون في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد. نزلت بعد سورة الدخان وقبل الأحقاف.
وعدد ايها في عد المدينة ومكة والشام والبصرة ست وثلاثون.
وفي عد الكوفة سبع وثلاثون لاختلافهم في عد لفظ {حم} آية مستقلة.
أغراضها:
الابتداء بالتحدي بإعجاز القرآن وأنه جاء بالحق توطئة لما سيذكر بأنه حق كما اقتضاه قوله: {تِلْكَ آيات اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [الجاثية: 6].
وإثبات انفراد الله تعالى بالإلهية بدلائل ما في السماوات والأرض من اثار خلقه وقدرته في جواهر الموجودات وأعراضها وإدماج ما فيها مع ذلك من نعم يحق على الناس شكرها لا كفرها.
ووعيد الذين كذبوا على الله والتزموا الاثام بالإصرار على الكفر والإعراض عن النظر في آيات القرآن والاستهزاء بها.
والتنديد على المشركين إذ اتخذوا الهة على حسب أهوائهم وإذ جحدوا البعث. وتهديدهم بالخسران يوم البعث. ووصف أهوال ذلك. وما أعد فيه من العذاب للمشركين ومن رحمة للمؤمنين.
ودعاء المسلمين للإعراض عن إساءة الكفار لهم والوعد بأن الله سيخزي المشركين.
ووصف بعض أحوال يوم الجزاء.
ونظر الذين أهملوا النظر في آيات الله مع تبيانها وخالفوا على رسولهم صلى الله عليه وسلم فيما فيه صلاحهم بحال بني إسرائيل في اختلافهم في كتابهم بعد أن جاءهم العلم وبعد أن اتبعوه فما ظنك بمن خالف آيات الله من أول وهلة تحذيرا لهم من أن يقعوا فيما وقع فيه بنو إسرائيل من تسليط الأمم عليهم وذلك تحذير بليغ.
وذلك تثبيت للرسول صلى الله عليه وسلم بأن شأن شرعه مع قومه كشأن شريعة موسى لا تسلم من مخالف. وأن ذلك لا يقدح فيها ولا في الذي جاء بها. وأن لا يعبأ بالمعاندين ولا بكثرتهم إذ لا وزن لهم عند الله. اهـ.

.قال سيد قطب:

تعريف بسورة الجاثية:
هذه السورة المكية تصور جانبًا من استقبال المشركين للدعوة الإسلامية. وطريقتهم في مواجهة حججها واياتها. وتعنتهم في مواجهة حقائقها وقضاياها. واتباعهم للهوى اتباعًا كاملًا في غير ما تحرج من حق واضح أوبرهان ذي سلطان. كذلك تصور كيف كان القرآن يعالج قلوبهم الجامحة الشاردة مع الهوى. المغلقة دون الهدى؛ وهو يواجهها بآيات الله القاطعة العميقة التأثير والدلالة. ويذكرهم عذابه. ويصور لهم ثوابه. ويقرر لهم سننه. ويعرفهم بنواميسه الماضية في هذا الوجود.
ومن خلال آيات السورة وتصويرها للقوم الذين واجهوا الدعوة في مكة. نرى فريقًا من الناس مصرا على الضلالة. مكابرًا في الحق. شديد العناد. سيئ الأدب في حق الله وحق كلامه. ترسمه هذه الآيات. وتواجهه بما يستحقه من الترذيل والتحذير والتهديد بعذاب الله المهين الأليم العظيم:
{ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرًا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئًا اتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئًا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم}.
ونرى جماعة من الناس. ربما كانوا من أهل الكتاب سيئي التصور والتقدير؛ لا يقيمون وزنًا لحقيقة الإيمان الخالصة. ولا يحسون بالفارق الأصيل بينهم وهم يعملون السيئات وبين المؤمنين الذين يعملون الصالحات. والقرآن يشعرهم بأن هناك فارقًا أصيلًا في ميزان الله بين الفريقين. ويقرر سوء حكمهم وسوء تصورهم للأمور؛ وقيام الأمر في ميزان الله على العدل الأصيل في صلب الوجود كله منذ بدء الخلق والتكوين:
{أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون}.
ونرى فريقًا من الناس لا يعرف حكمًا يرجع إليه إلا هواه. فهو إلهه الذي يتعبده. ويطيع كل ما يراه. نرى هذا الفريق من الناس مصورًا تصويرًا فذًا في هذه الآية؛ وهو يعجب من أمره ويشهر بغفلته وعماه:
{أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون}.
ونرى هذا الفريق من الناس ينكر أمر الآخرة. ويشك كل الشك في قضية البعث والحساب. ويتعنت في الأنكار وفي طلب البرهان بما لا سبيل إليه في هذه الأرض. والقرآن يوجه هذا الفريق إلى الدلائل القائمة الحاضرة على صدق هذه القضية. وهم عنها معرضون:
{وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
ويجوز أن يكون هؤلاء جميعًا فريقًا واحدًا من الناس يصدر منه هذا وذاك. ويصفه القرآن في السورة هنا وهناك. كما يجوز أن يكونوا فرقًا متعددة ممن واجهوا الدعوة في مكة. بما في ذلك بعض أهل الكتاب. وقليل منهم كان في مكة. ويجوز أن تكون هذه إشارة عن هذا الفريق ليعتبر بها أهل مكة دون أن يقتضي هذا وجوده في مكة بالذات في ذلك الحين.
وعلى أية حال فقد واجه القرآن هؤلاء الناس بصفاتهم تلك وتصرفاتهم. وتحدث عنهم في هذه السورة ذلك الحديث.. كذلك واجههم بآيات الله في الافاق وفي أنفسهم. وحذرهم حساب يوم القيامة. وبصرهم بما جرى لمن قبلهم ممن انحرفوا عن دين الله القويم.